اشراقة المستقبل مساعد اداري
عدد الرسائل : 493 العمر : 34 الموقع : المغرب تاريخ التسجيل : 06/10/2007
| موضوع: لحـــــظـــــات ما قــبــل الحــــــــــــياة الثلاثاء يناير 20, 2009 2:13 pm | |
| <!-- /* Style Definitions */ p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal {mso-style-parent:""; margin:0cm; margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:12.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman";} @page Section1 {size:595.3pt 841.9pt; margin:70.85pt 70.85pt 70.85pt 70.85pt; mso-header-margin:35.4pt; mso-footer-margin:35.4pt; mso-paper-source:0;} div.Section1 {page:Section1;} -->
جلسوا جميعا, جنبا لجنب, كتفا لكتف, نفسا لنفس , تجمعهم بطانيتة واحدة و مصير واحد , تحاول وقايتهم بعض البرد في الغرفة الوحيدة المأهولة في المنزل المهجور الموحش و الذي خلا الا من تلفاز عتيق يعمل حينا و يابى احيانا لكن في الحالتان لا احد يهتم فالاخبار هم ابطالها و ما دتها الخام
يقابل الباب الصامد رغم الشق العميق الذي يتوعده بالانكسار الى خشيبتين غير متجانستين , خزانة حائطية كدست بعض الاغطية داخلها اضافة الى ملابس تعد على اصابع اليدين , صمد احد ابوابها بينما تحول الاخر الى شبه طاولة ارضية يجتمعون حولها للاكل
الاكل الذي تحول من وسيلة لكسب الطاقة لاكمال الحياة الى وسيلة لاسكات الجوع او لكسب طاقة لانتظار الممات .
لم يضق لا المنزل المنهك و لا و اهله المثقلون بهموم القصف و الحصار التي لا تنتهي , من استقبال الاهل و الاحباب المتوافدين جيران كانوا او اقرباء, فهناك للحياة الاجتماعية طعم اخر, طعم الحب الحنان و الالتحام ,هناك لا يوجد ملك خاص, الكل للكل و كل الكل مستهدف و الكل ضحية ,و كلمة الانا تنحر على اعتاب الحرب التي لا تفرق بين الانا و الاخر
جلست الجدة و حولها احفادها صبيانا و فتيات تحكي لهم القصص الخرافية و اللا خرافية المحببة, الذئب و الخراف علاء الدين و الاربعين حرامي صلاح الدين و فتح القدس , السيرة و الصحابة, في الاخير هذه القصص تختزل الفكرة الواحدة كر و فر الخير و الشر, الحق و الباطل, الظلم و الصمود, الهموم و الصبر ... ثم تسترسل بعد كل قصة بالحديث عن ايام النكبة و الترحيل, عن المجاهدين و الشهداء , عن البيادر عن ايام زمان , متحسرة على الوطن المسلوب , كانها تقول ان كل هذه القصص ما هي الا قصتكم يا احبابي, فانتم علاء الدين ضد حرامي الاوطان, و انتم صلاح الدين قاهر الصليبين و مسترد الاقداس, و انتم خرفان ضحايا ذئاب الموت الغدار ,انتم خالد بن الوليد سيف مسلول على الاعداء و راسم مسيرة الفتوحات , ترسل الجدة رسائل العزة للعقول البريئة التي تفهمها, تعقلها ,و تحولها الى شعارات نصر و ثار, ثم للعب و جدال, تبستم الجدة ابتسامة خفيفة ,ثم تنهمك في الابتهال
على الجانب الاخر من الغرفة ,اجتمعت فتيات العائلة الكبيرة, يستطردن بالحديث ككل الفتيات ,حالمات بالسمتقبل المشرق عن الغد الاتي عن فرسان الاحلام و امل الامومة, ثم يرجعن للواقع متحدثات عن هموم الدراسة و مشاكلها, حلوها و مرها ,عن الكتب و المجلات, عن السياسة و الاقتصاد, الثقافة و العلوم, امل التغيير و النهضة , مواضيع تميز جيلنا العولمي الذي يعرف عن كل شيء, و يفعل كل شيء, ولكن تنقصة الكثير من الاشياء .
في حين تنهمك ايديهن بتقشير ما تواجد من الخضر لطبخها, بطريقة او باخرى, و ابتلاعها مع الخبز الذي تعيد النساء الجالسات في الوسط اعادة تاهيله بتبليله بالماء ثم تجفيفه على نار الجمر الخافتة , و افواههن تلهج بالدعاء و الاستغفاراملا في نزول رحمة رب العباد , وسط سيل من الدمع الانسيابي
على الوجنتين و الذي يخرج دافئا, ثم يبرد في مسيرته الطويلة عبر الوجه الشاحب, ليزل على الجمر و يزيده اشتعال ,وتشتعل معه افئدتهن المسافرة شوقا بعيدا بعيدا, الى الاحبة على الثغور, فكل واحدة منهن ارسلت بعضا منها, ابنا كان او اخا, عما او خالا, اختار ان يدافع على الارض و العرض, و ان يلحتق بالمرابطين الاشباح ,ويحارب بياذق لوحة شطرنج الحرب العبثية .
على يسار الباب الصامد, و تحديدا قبالة الخزانة الكبيرة ,احتلت نافذ ة خشبية جزئا من الحائط الابرص ,عُوض الزجاج فيها بقطعة قماش سوداء, ترسل عبر ثقيبانها الصغيرة رائحة الموت و الاشلاء, و عبق الصمود و الاباء. فالطقس في غزة جو متناقض جدا, في غزة تسمع النحيب وسط الزغاريد ,و الدموع ترسم الابتسامات, و على سرير واحد من مستشفىالشفاء يموت
طفل, و يولد طفل اخر
تحت النافذة قبع مجموعة من الرجال المتعبين, يعلقون على ردود الافعال السياسية في المنطقة, يسحتسنون بعضها, و يذمون الاخرى, يهدئون تارة, و يهيجون غاضبين احيانا كثيرة, يلعنون هذا, و يتشكرون الاخر, و هم في صميم قلوبهم يعرفون انهم لا يضعون امالا
على هذا و لا على الاخر, فاملهم يُسرى به الى ثغور المرابطين, و يُعرج منه الى السماء ,يحمله براق اليقين ,و يستقبله عرش العظيم
في ساعة , في دقيقة , في ثانية, في لحظة لم يعرف ما هي, رعدت السماء قصفا , هدئ الجميع , توقفت الايدي, سكتت الافواه الا من الدعاء , حدقت العيون الى السقف المنهك , الصوت يقترب عنفا, و القلوب تزيد دقاتها سرعة ,
فجاة سمع دوي كبير, ثم سرى ضوء ابيض الغرفة فالبيت كله جالبا معه دفئا غريبا, انتزعت الارواح من الاجساد ,اُغمضت العيون, و لم تفتح, و لن تفتح .......
و انا جاسة في غرفتي اسامر القمر, سمعت ضحكات خافتة جميلة بريئة ملائكية, لصبية و فتيات و جدة عجوز,عبر اثير الفضا , و شعارا يقول, دخل صلاح الدين الى القدس و كسر النجمة الزرقاء
| |
|